استيقظت مدينة جرسيف صباح اليوم على وقع فاجعة جديدة كان ضحيتها صاحب محطة البنزين وباحة الاستراحة، المرحوم عبيوي رشيد، الذي لقي حتفه إثر اعتداء خطير تُوجَّه أصابع الاتهام بشأنه إلى عصابة مكوّنة من سبعة أشخاص من “الحراكة” المغاربة الذين يستغلون المنطقة كنقطة انطلاق نحو مليلية المحتلة عبر تسلّلهم إلى الشاحنات الدولية.
معطيات تشير إلى تحذيرات سابقة
مصادر مطلعة أكدت أن الراحل عبيوي رشيد نبّه مراراً إلى الأوضاع غير الآمنة داخل المحطة، وإلى المضايقات المستمرة التي كان يتعرض لها هو وعماله من طرف مجموعات من “الحراكة” المغاربة الذين يتجمعون في باحات الراحة بحثاً عن فرصة للتسلل إلى الشاحنات.
وتشير المصادر إلى أن إدارة المحطة رفعت في أكثر من مناسبة إشعارات إلى السلطات الأمنية والحماية بجرسيف بخصوص الوضع المتفاقم، دون أن ينعكس ذلك بالشكل المطلوب على الأرض.
جرسيف… من مدينة عبور إلى بؤرة اختناق اجتماعي وأمني
تحولت جرسيف خلال الأشهر الأخيرة إلى نقطة عبور رئيسية للراغبين في الهجرة غير النظامية، خصوصاً عبر تسلق الشاحنات المتوجهة نحو مليلية. هذا الواقع خلق توتراً اجتماعياً واضحاً ورفع منسوب المخاطر داخل محطات الوقود وباحات الاستراحة، التي أصبحت فضاءات مهدَّدة وليست مجرد نقاط استراحة للمسافرين.
وليس خافياً أن الظاهرة ليست جديدة، لكنها اليوم أصبحت أكثر تنظيماً وخطورة، ما يستدعي تدخلاً عاجلاً يعالج جذور المشكلة وليس فقط مظاهرها.
تعليق تحليلي: فوضى الهجرة غير النظامية… أمن المواطنين خط أحمر
تحليل الحادثة يكشف عدة مستويات من الخلل:
1. تقصير واضح في الاستجابة لنداءات أصحاب المحطات
من غير المقبول أن يظل أصحاب محطات البنزين، التي تُعتبر منشآت حيوية، يعانون من التهديدات دون تدخل فعّال. تكرار الشكايات وعدم الاستجابة السريعة يعكس خللاً مؤسساتياً يجب أن يُعالج بشكل جذري.
2. غياب خطة محلية لتدبير ظاهرة “الحراكة” داخل جرسيف
تحول جرسيف إلى نقطة عبور نحو مليلية لم يعد أمراً عادياً، بل أصبح واقعاً أمنياً يفرض تعبئة جماعية للسلطات الإقليمية، خصوصاً في محيط المحطات، المناطق الصناعية، وباحات الاستراحة.
3. حماية الاستثمار المحلي مسؤولية جماعية
المرحوم عبيوي رشيد لم يكن سوى واحد من عشرات المستثمرين المحليين الذين يقاومون يومياً ضغوطاً وأخطاراً كان من الممكن تفاديها بقليل من الحزم الأمني والتتبع المؤسساتي.
4. ضرورة إعادة تقييم السياسة الأمنية الخاصة بالنقط الطرقية
النقط الطرقية الكبرى يجب ألا تبقى عرضة للفوضى، خصوصاً حين تتحول إلى فضاءات يستغلها أشخاص يبحثون عن فرص الهجرة السرية بأي ثمن، مما يعرض حياة المواطنين للخطر.
جريمة اليوم ليست حادثاً معزولاً… بل هي جرس إنذار قوي يفرض على الجميع — سلطات، فاعلين محليين، مجتمع مدني — إعادة النظر في طريقة التعامل مع ظاهرة الهجرة غير النظامية داخل إقليم جرسيف.
الراحل عبيوي رشيد كان مواطناً يمارس عمله داخل منشأة قانونية، وإذا أصبح هذا العمل خطراً على حياته، فذلك يعني أن الوضع تجاوز الخط الأحمر ويستدعي تحركاً فورياً ومسؤولاً، حتى لا تتكرر المأساة.