المراسل: زعوم ادريس
تعيش مدينة جرسيف هذه الأيام على وقع فعاليات مهرجان الزيتون، وهو مناسبة سنوية تُعيد إلى الواجهة واحداً من أهم أعمدة الاقتصاد المحلي بالإقليم، بل أحد أبرز مرتكزات الإنتاج الفلاحي على الصعيد الوطني.
فجرسيف ليست مجرد منطقة منتجة للزيتون، بل تعدّ الإقليم رقم 1 وطنياً من حيث جودة الزيتون المخصّص للتصبير، وهو ما منحها شهرة واسعة في الأسواق الوطنية والدولية، وجعل منتجاتها مطلوبة بفضل نكهتها الخاصة وقيمتها التجارية العالية.
إنتاج وفير… وإمكانيات محدودة
ورغم هذا التميز الطبيعي والفلاحي، ما زال الفلاح الجرسيفي يواجه صعوبات كبيرة، أبرزها محدودية الإمكانيات وغياب البنية التحتية المواكِبة.
فـ”المخطط الأخضر”، الذي كان من المفروض أن يشكل دعامة أساسية للنهوض بالقطاع الفلاحي، لم يستجب لطموحات الفلاحين بجرسيف، ولم يرقَ إلى مستوى انتظارات إقليم يتصدر الإنتاج ولا يستفيد من ذلك فعلياً.
المؤسف أكثر، أن وزارة الفلاحة والمديرية الجهوية للفلاحة بالشرق ما تزالان تتعاملان مع هذا المنتوج الحيوي بكثير من التجاهل، رغم أنه يمثل مورد رزق الآلاف من الأسر، ويُعتبر المحرك الحقيقي للاقتصاد المجالي بالإقليم.
زيتون جرسيف… ثروة وطنية بلا حماية
يؤكد المشتغلون بالقطاع أن الاهتمام الرسمي لا يرقى إلى حجم هذه الثروة، فالإقليم يحتاج إلى:
-
وحدات للتحويل والتصبير قادرة على خلق القيمة المضافة محلياً.
-
دعم مباشر للفلاحين وتشجيعهم على تطوير آليات السقي.
-
فتح أسواق جديدة وتوفير مواكبة تقنية حقيقية.
-
بنية طرقية ووجستية تُسهّل نقل المنتوج في فترات الذروة.
لكن الواقع يكشف العكس: ثروة وطنية تعيش تحت رحمة الفلاح البسيط الذي يعمل بجهد فردي ويُواجه تقلبات السوق دون أي حماية.

صمت المنتخبين… علامة استفهام كبرى
وأمام هذا الوضع، يُطرح السؤال بحدة:
أين البرلمانيان ممثلا إقليم جرسيف في مجلس النواب؟
وأين ممثلو الإقليم في مجلس الجهة الشرقية الذين من المفروض أن يدافعوا عن ميزانيات موجهة لدعم سلسلة الزيتون؟
وأين عضو مجلس المستشارين عن الإقليم، الذي لم نسمع له لا سؤالاً كتابياً ولا شفوياً، ولا حتى مراسلة واحدة تُوجه لوزارة الفلاحة أو لمؤسسات جهوية معنية؟
إن صمت هؤلاء المنتخبين، الذين أُوكلت إليهم مهمة الدفاع عن مصالح الساكنة، يُعتبر تقصيراً واضحاً في أداء الواجب، ويطرح علامات استفهام كبيرة حول جدوى تمثيليتهم.
مهرجان الزيتون… احتفال يُخفي الألم
صحيح أن المهرجان يُحيي الذاكرة الفلاحية ويروج للمنتوج، لكنه في الوقت نفسه يعكس مفارقة واضحة:
احتفال سنوي زاهر في مدينة يعاني فلاحتها من الإهمال، وفلاحوها من غياب الدعم، ومؤسساتها التمثيلية من الصمت الغريب.
جرسيف تستحق أكثر من الكلمات والخطابات البروتوكولية.
إنها عاصمة الزيتون بلا منازع، لكن مكانتها الحقيقية لن تترسخ إلا حين يتحمل المسؤولون—محليون، جهويون ووطنيون—واجبهم الكامل في حماية وتطوير هذا المنتوج الذي يشكل العمود الفقري لاقتصاد الإقليم.
ويبقى السؤال قائماً:
من سيدافع عن زيتون جرسيف… إذا صمت من انتخبهم المواطنون؟