من يتحمّل المسؤولية في انهيار منزلين بحي المستقبل بفاس؟

لم يكن انهيار منزلين بحي المستقبل بفاس مجرد حادث عرضي عابر، بل شكّل صدمة جديدة تعيد إلى الواجهة الأسئلة المتكررة حول منظومة التعمير، وجودة المراقبة، وحكامة إصدار رخص البناء في بعض الأحياء الهشة. وبينما تعدّدت الروايات وتضاربت التعليقات، يبقى السؤال الجوهري الذي يتطلّب إجابة واضحة: من يتحمّل المسؤولية؟

حيّ الهشاشة: أين توقفت المقاربات الوقائية؟

حيّ المستقبل مصنّف ضمن المناطق التي تعاني هشاشة عمرانية متراكمة، وهو ما يجعل أي بناء أو إصلاح أو امتداد تتضاعف معه المخاطر. ورغم ذلك، ما تزال رخص البناء تُمنح داخل هذا الحي، وكأن الظروف العمرانية لم تعد تشكل خطراً، أو كأن تقارير الخبرة لم تعد ضرورية، أو أنها لا تُفعل بالشكل السليم.

وهنا يبرز سؤال ثانٍ:
هل خضعت تلك الرخص لدراسة تقنية دقيقة؟ وهل تم احترام شروط البناء التي يفرضها القانون؟

الوكالة الحضرية بفاس: غياب أم تغييب؟

الوكالة الحضرية بفاس هي الجهة الأولى المفترض أن تضبط مسار التعمير، من خلال الدراسة والمراقبة وإبداء الرأي في المشاريع. غير أن ما حدث يطرح علامات استفهام بشأن:

  • مدى حضور الوكالة في تتبع البنايات القديمة والهشة.

  • ما إذا كانت قراراتها وتعليماتها تُطبق فعلاً على أرض الواقع.

  • وما إذا كان منح الرخص يتم وفق رؤية تقنية أم وفق منطق استثنائي يخلق ثغرات تستغل لاحقاً.

وكالة إنقاذ فاس: هل ما زال الدور قائماً؟

هذه الوكالة أُنشئت أصلاً كآلية لمعالجة البنايات الآيلة للسقوط وأحياء المدينة العتيقة والمناطق المهددة. ومع ذلك، حوادث من هذا النوع تجعل الرأي العام يتساءل:

  • هل تُحدّث الوكالة قاعدة بيانات البنايات المهددة؟

  • هل قامت بتتبع فعلي لحي المستقبل وما يشبهه من الأحياء؟

  • وهل البرامج المعلنة تُرفَع في التقارير أم تُنفَّذ على الأرض؟

مسؤولية متداخلة… وضحية واحدة

الواقع أن مسؤولية انهيار البنايات لا تُختزل في طرف واحد. فهي مسؤولية مشتركة ومتداخلة بين:

  • أصحاب البنايات الذين يبنون أحياناً دون احترام معايير السلامة.

  • السلطات المحلية التي تُفترض فيها المراقبة اليومية.

  • الوكالة الحضرية التي تملك سلطة التقرير وإبداء الرأي.

  • وكالة إنقاذ فاس التي لها دور في تقييم وضعية المباني المهددة.

  • جماعة فاس التي تتحمّل أيضاً جزءاً من تتبع الرخص والتدخل عند الضرورة.

لكن… وسط هذا التشابك، يبقى المواطن هو الضحية الأولى والأخيرة: ضحية هشاشة البنية، وضحية ضعف المراقبة، وضحية غياب تنسيق فعلي بين المؤسسات.

لا تحتاج فاس إلى مزيد من اللجان بقدر ما تحتاج إلى إرادة واضحة لتطبيق القوانين، ومراقبة صارمة للبناء، وتوقيف أي رخصة تُمنح خارج كل منطق داخل الأحياء التي تشبه “حي المستقبل”. كما تحتاج إلى تحديث جدِّي لبرامج تتبع البنايات الخطرة قبل حدوث الكارثة، لا بعدها.

ويبقى السؤال مفتوحاً للرأي العام:
من المسؤول… ومن سيجرؤ على الاعتراف بالخلل قبل أن ينهار منزل آخر؟

شاهد أيضا
تعليقات الزوار
Loading...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق المزيد