التتويج بكأس العرب… تتويج لمسار وطني وصعود مستحق للمغرب الكروي

رأي في حدث بقلم :حسن الخلقي

لم يكن فوز الفريق الوطني المغربي لكرة القدم بكأس العرب، التي احتضنتها دولة قطر، مجرد إنجاز رياضي عابر، بل شكل محطة مفصلية جديدة في مسار صعود كرة القدم المغربية إلى مصاف القوى الكروية المؤثرة قارياً ودولياً. فالتتويج من قلب الدوحة، وفي بطولة عرفت مشاركة منتخبات قوية وتنافساً محتدماً، جاء ليؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن المغرب بات رقماً صعباً في المعادلة الكروية الحديثة.

هذا الإنجاز يكتسي رمزية خاصة، ليس فقط لأنه أضيف إلى خزانة الألقاب الوطنية، بل لأنه جاء بعد مسار متميز كان فيه المنتخب المغربي قريباً جداً من معانقة لقب عالمي، لولا ما وُصف حينها بجدل تحكيمي أثار الكثير من علامات الاستفهام، وترك إحساساً عاماً بأن الطموح المغربي كان أكبر مما انتهت إليه النتائج الرسمية. غير أن روح التحدي والانضباط، التي طبعت أداء “أسود الأطلس”، حولت تلك الخيبة إلى دافع قوي، تُوّج اليوم بكأس عربية مستحقة.

ويكتسب هذا التتويج بعده العميق من خلال التهنئة الملكية السامية التي وجهها جلالة الملك محمد السادس نصره الله إلى مكونات الفريق الوطني. فهي تهنئة ليست فقط اعترافاً بالإنجاز، بل رسالة دعم واضحة للرياضة الوطنية، وتجسيد للعناية الملكية المستمرة بالشباب المغربي وبالرياضة كرافعة للتنمية، وأداة لتعزيز الإشعاع الدولي للمملكة.

لقد أبان المنتخب الوطني خلال هذه البطولة عن مستوى عالٍ من النضج التكتيكي، والجاهزية البدنية، والصلابة الذهنية، وهي عناصر لا تتأتى صدفة، بل هي ثمرة عمل تراكمي طويل، شمل حسن الاختيار، وجودة التأطير التقني، والاحترافية في التدبير الإداري. وهو ما يؤكد أن ما تحقق ليس نجاح جيل عابر، بل نتيجة رؤية استراتيجية واضحة المعالم.

وفي قلب هذه الرؤية، تبرز أكاديمية محمد السادس لكرة القدم، التي أثبتت بما لا يقبل الجدل أنها مشتل حقيقي للمواهب، ومنصة وطنية لإنتاج لاعبين مؤهلين تقنياً وذهنياً للاحتراف العالي. هذه الأكاديمية، التي تعد من عبقرية الرؤية الملكية المتبصرة، لم تعد مجرد مشروع رياضي، بل صارت نموذجاً في التكوين المتكامل، يجمع بين الرياضة، والدراسة، والقيم الوطنية، والانضباط الاحترافي.

إن ما يجنيه المغرب اليوم من ألقاب واحترام دولي في المجال الكروي، هو حصيلة استثمار ذكي في الإنسان، وفي البنية التحتية، وفي الكفاءات الوطنية، سواء داخل أرضية الملعب أو خارجها. وهو ما يجعل من الفوز بكأس العرب تأكيداً إضافياً على أن المغرب لا ينافس من أجل المشاركة فقط، بل من أجل التتويج وكتابة اسمه في سجل الكبار.

ختاماً، يمكن القول إن هذا التتويج ليس نهاية المسار، بل محطة جديدة تعزز الثقة، وتفتح شهية الجماهير المغربية على المزيد من الإنجازات. فالمغرب اليوم يمتلك الطاقات، والكفاءات، والرؤية، وما تبقى هو الاستمرارية، حتى يتحول الحلم الكروي المغربي إلى واقع دائم، يليق بطموحات أمة اختارت أن تراهن على التميز.

شاهد أيضا
تعليقات الزوار
Loading...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق المزيد