بقلم: حسن الخلقي
أثارت فلتة اللسان التي صدرت عن وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، في حق النائب البرلماني عن المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، عبد الصمد حيدر، نقاشًا واسعًا داخل المشهد السياسي المغربي. ورغم أن الوزير بادر إلى الاعتذار، وطُوي الملف داخل المؤسسة التشريعية دون تبعات، إلا أن ما تلا ذلك من ردود فعل، خصوصًا من داخل حزب العدالة والتنمية، أعاد الحادث إلى واجهة الجدل.
اعتذار الوزير… وإغلاق القوس داخل المؤسسة
كان واضحًا أن الواقعة في أصلها لم تتجاوز حدود الانفعال اللحظي داخل جلسة برلمانية مشحونة. وبمجرد أن قدم وزير العدل اعتذارًا مباشرًا، اعتُبر الأمر منتهيًا من الناحية المؤسساتية، خصوصًا أن النائب المعني لم يذهب في اتجاه التصعيد، واكتفى بقبول الاعتذار في إشارة إلى تغليب روح المسؤولية.
حامي الدين… حين يصبح التعليق أداة للتموقع السياسي
غير أن القيادي في العدالة والتنمية، عبد العالي حامي الدين، رأى في الواقعة فرصة لشن هجوم سياسي على الوزير وهبي، متجاوزًا إيقاع الحزب وموقف مؤسساته. فبدل انتظار صدور بلاغ رسمي عن الحزب يوضح تقديره للحادث، فضل حامي الدين أن يخرج بموقف شخصي صيغ بنبرة حادة، ما جعل الكثيرين يتساءلون:
هل الأمر مجرد تقدير ذاتي للموقف؟ أم أنه محاولة لاستثمار الحادث سياسيًا في مرحلة تعرف فيها الساحة الداخلية للحزب استعدادات انتخابية مبكرة؟
بين المسؤولية السياسية و”التسخينات” الانتخابية
المثير في تعليقات حامي الدين أنها بدت وكأنها “تسخينات” قبيل الانتخابات المقبلة، ومحاولة لاستمالة جزء من القاعدة الانتخابية عبر خطاب صدامي اعتاد عليه كلما اقتربت الحملات. لكن هذا الأسلوب يتناقض مع ما تحتاجه اللحظة داخل العدالة والتنمية، خصوصًا بعد سنوات من التراجع الانتخابي ومحاولات إعادة بناء الثقة.
فالرهان اليوم داخل الحزب ليس في الركوب على الأحداث العارضة أو تضخيم “فلتة لسان” تم تجاوزها، بل في تقديم خطاب مسؤول يركز على العمق السياسي والملفات الحقيقية التي تهم المواطنين.
العدالة والتنمية… حزب يحتاج إلى الانضباط لا إلى المزايدات
الحزب ليس في حاجة إلى مواقف فردية منفلتة تعطي الانطباع بوجود خطين داخل التنظيم: خط مؤسساتي ينتظر البلاغ الرسمي، وخط آخر يفضل القفز إلى الواجهة كلما سنحت الفرصة.
إن الرصيد السياسي للحزب لا يُبنى بالانفعال أو بمراكمة الخطابات الصدامية، بل بمواقف محسوبة تعكس قوة التنظيم وانسجامه.
حادثة وهبي وحيدر كانت قابلة للإغلاق بهدوء، وقد تم ذلك بالفعل. لكن خروج حامي الدين بتعليقاته جعلها تستعيد وهجًا لم تكن تحتاج إليه.
ويبقى السؤال مفتوحًا:
هل كان حامي الدين يدافع عن الأخلاق السياسية؟ أم كان يقتنص فرصة لإعادة التموقع داخل المشهد الانتخابي؟
في كل الحالات، يبقى المطلوب اليوم — سواء للعدالة والتنمية أو لباقي الفاعلين — هو تعزيز خطاب الحكمة، وتجنب الانزلاق نحو الشعبوية التي لا تزيد المشهد السياسي إلا توتراً.
مجرد رأي فيما حدث