قيس سعيّد لم يعد مجرد رئيس مثير للجدل، بل أصبح عنواناً للخيانة السياسية وسجلّاً أسود في تاريخ تونس الحديث. هذا الرجل الذي قدّم نفسه أستاذاً جامعياً ورجل قانون مختصاً في الدستور، انقلب على كل القيم التي درسها وصدّع بها رؤوس طلبته. لقد صار نموذجاً صارخاً للحاكم الفرد، الذي لا يسمع إلا نفسه، ولا يرى في الوطن سوى عرش يتربع عليه.
 
 منذ أن وطأت قدماه قصر قرطاج، وتونس تتدحرج نحو هاوية خطيرة: قمع داخلي، تجويع للشعب، ضرب لروح الديمقراطية، وتدمير ممنهج للعلاقات الخارجية. والأدهى من ذلك، أنّه المسؤول الوحيد عن تدهور العلاقات المغربية–التونسية، بعدما اختار الصمت المريب تجاه كل المبادرات والمراسلات التي وجّهها سياسيون ومفكرون وحقوقيون تونسيون يطالبونه بترميم جسور الأخوة مع المغرب. فجوابه كان دائماً: الصمت… ثم الصمت… ثم لا شيء غير الصمت.
 
 أيها التونسيون، أنتم اليوم رهائن لدى رجل باع تونس الكرامة لإيران وشيعتها، وارتمى في أحضان محور الخراب، متنكّراً لتاريخ مشترك ولتضحيات رجال قاوموا الاستعمار جنباً إلى جنب مع أشقائهم المغاربة. أي سخرية هذه؟ أن يُصبح قصر قرطاج بيتاً للعزلة، وأن يتحوّل “ممفيس سعيّد” إلى دمية سياسية لا همّ لها سوى تصفية الحسابات وإشعال الأزمات.
 
 لقد باع الرئيس الدستور الذي طالما تغنّى به، وجعل من القانون أداة للقمع بدل أن يكون حصناً للحرية. وأغلق أبواب بلاده في وجه أشقائها، ليحوّلها إلى سجن كبير يعيش فيه الشعب التونسي المغلوب على أمره.
 
 إن التاريخ لن يرحم قيس سعيّد، وسيُكتب اسمه في خانة الخونة والمستبدين الذين لم يحفظوا عهد الوطن ولا روابط الأخوّة. أما الشعب التونسي، فهو القادر وحده على كسر هذا الطوق، وعلى إعادة تونس إلى موقعها الطبيعي بين أشقائها، وإلى الحضن المغاربي الذي يليق بتاريخها.
 
 وصدق شاعر تونس العظيم أبو القاسم الشابي حين قال:
 “إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر.”
 
 فهل سيستجيب القدر لتونس، بعد أن تتحرر من عباءة قيس سعيّد؟
 
  				 
			
			
								
				
 
 
 
			
					شاهد أيضا
		
	
	
					تعليقات الزوار
		
	
	 
			
