الانتخابات التشريعية 2026: يسار يبحث عن المصالحة وشعبية تتآكل بين الأحرار والبام

مساحة رأي يكتبها:حسن الخلقي

مع اقتراب الاستحقاقات التشريعية المقررة سنة 2026، يبدو المشهد الحزبي المغربي في مرحلة دقيقة تتقاطع فيها الأزمات الداخلية مع تراجع الثقة الشعبية، وتتعقد فيها حسابات التحالفات المستقبلية، بين يسار منهك، ويمين فقد جزءاً من بريقه، وأحزاب وسطية تحاول التقاط أنفاسها.

إقبال شعبي محتمل… ولكن على من؟

تُجمع مؤشرات كثيرة على أن المزاج الشعبي يتجه نحو إقبال أكبر على المشاركة مقارنة بسنة 2021، مدفوعاً برغبة المواطن في التغيير، وبتنامي وعي سياسي ناتج عن تجربة السنوات الأخيرة. غير أن السؤال الجوهري يظل: من سيستفيد من هذا الإقبال؟

الجواب ليس بسيطاً. فالأحزاب اليسارية، رغم أزماتها، قد تجد نفسها أمام فرصة تاريخية لاستعادة بعض من وهجها الضائع، خصوصاً إذا ما أعادت بناء خطابها الاجتماعي والاقتصادي على أسس واقعية وجريئة، تلامس عمق معاناة الفئات الوسطى والفقيرة.

الاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية… يسار في مفترق الطرق

من حيث القاعدة، يملك الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وحزب التقدم والاشتراكية رصيداً تاريخياً وثقافياً يؤهلهما للعودة إلى الواجهة، غير أن مشكلتهما الكبرى اليوم تكمن في القيادات الحالية.
فالغضب على إدريس لشكر بلغ ذروته داخل الحزب وخارجه، إذ يعتبره كثيرون رمزاً لمرحلة جمود وانغلاق سياسي جعلت الاتحاد يفقد جزءاً من هويته التاريخية. وفي المقابل، يواجه نبيل بنعبد الله انتقادات مماثلة، خصوصاً بعد فشله في تجديد الخطاب التقدمي بما يتلاءم مع تحولات المجتمع المغربي.

ورغم ذلك، يبقى احتمال تعيين أحد قياديي اليسار رئيساً للحكومة قائماً في حال تصدر هذه الأحزاب المشهد، بالنظر إلى الرغبة في خلق توازن سياسي وإعادة الثقة في المؤسسات عبر خطاب اجتماعي جديد.

الأصالة والمعاصرة… زعامة غائبة وغضب متصاعد

أما حزب الأصالة والمعاصرة، الذي كان يوماً ما رقماً صعباً في المعادلة السياسية، فيعيش اليوم على وقع تآكل القاعدة الشعبية وغياب الزعامة المتوافق عليها داخلياً. فنتائج 2021 لم ترقَ إلى طموحات مناضليه، وبدت الفوارق بين الخطاب والواقع صارخة. كما أن المشاركة في الحكومة إلى جانب حزب الأحرار جعلته يتحمل جزءاً من السخط الشعبي الموجه ضد الأداء العام للحكومة.

حزب الأحرار… أزمة ثقة بعد التجربة الحكومية

حزب التجمع الوطني للأحرار يواجه بدوره تراجعاً حاداً في شعبيته، بعدما ارتبط اسمه بغلاء المعيشة وبالقرارات غير الشعبية التي مست القدرة الشرائية للمواطنين. فحتى لو احتفظ بهيكله التنظيمي المتماسك، فإن المزاج العام لم يعد كما كان في 2021، حين استفاد الحزب من موجة التفاؤل والتغيير بعد تجربة العدالة والتنمية.

الاستقلال والحركة الشعبية… بين الواقعية والطموح

يُعتبر حزب الاستقلال اليوم في موقع أفضل نسبياً، إذ حافظ على قدر من الاحترام الشعبي والمؤسساتي، ويراهن على موقع “الوسيط” بين اليمين واليسار. كما يُتوقع أن يكون ضمن المكونات الأساسية لأي تحالف حكومي محتمل سنة 2026، خصوصاً مع الحركة الشعبية والاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية وبعض المستقلين.
تحالفٌ كهذا قد يشكل حكومة ذات طابع اجتماعي وتوافقي، تراهن على إعادة التوازن بين الإصلاح الاقتصادي والحماية الاجتماعية.

شاهد أيضا
تعليقات الزوار
Loading...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق المزيد