شيوخ النقابات بالمغرب… آن أوان الرحيل

بقلم: حسن الخلقي

لم يعد مقبولاً، لا أخلاقياً ولا ديمقراطياً، أن تظل النقابات المغربية أسيرة زعامات شاخت على الكراسي، وأبت أن تترجل بكرامة. إن من يسمّون أنفسهم أمناء عامين، وقد تجاوز بعضهم السبعين والثمانين، لا يزالون يتعاملون مع النقابات كإقطاعيات شخصية، يوزعون المناصب والامتيازات ويعقدون الصفقات، بدل أن يكونوا صوتاً صادقاً للطبقة العاملة.

لقد أصبحنا نعيش مفارقة صارخة: في فرنسا، أعرق النقابات CGT و CFDT تقودها امرأتان تعكسان تجديد الدماء وحيوية الفكر النقابي. أما عندنا، فما زال أمثال ميلودي مخاريق في الاتحاد المغربي للشغل، وورثة تجربة نوبير الأموي في الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، وقيادات متكلسة أخرى في الفيدرالية الديمقراطية للشغل وغيرها، يتشبثون بالمناصب وكأنها ملك خاص، لا يتنازلون عنها إلا إلى القبر.

أي مصداقية تبقى لنقابات يسيّرها شيوخ منفصلون عن هموم الشباب العامل والعاطل؟ كيف لنقابي تجاوز عمره نصف قرن في الزعامة أن يفهم لغة الجيل الجديد الذي يواجه هشاشة التشغيل وغلاء المعيشة وموجات البطالة؟

إننا في هذه الافتتاحية نعلنها صريحة: النقابة ليست عرشاً مدى الحياة، وليست مجالاً لتصفية الحسابات الحزبية أو بناء شبكات المصالح. النقابة، في جوهرها، عقد ثقة بين العمال وقياداتهم، فإذا خانت القيادة تلك الثقة، تحوّلت النقابة إلى هيكل أجوف.

إننا ندعو هؤلاء “الزعماء الأبديين” إلى أن يترجلوا بكرامة، كما فعل نظراؤهم في أوروبا، ويفسحوا المجال لأجيال شابة قادرة على حمل هموم العمال والدفاع عنها بجرأة وتجديد. أما الاستمرار في هذا العناد، فلن يزيد النقابات إلا عزلة، ولن يورّث الشغيلة إلا خيبة جديدة.

لقد حان الوقت لكتابة فصل جديد في تاريخ العمل النقابي بالمغرب… فصل لا مكان فيه للزعماء الأبديين، بل للقيادات المتجددة والشرعية الديمقراطية.

شاهد أيضا
تعليقات الزوار
Loading...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق المزيد