أول خطوة لأي والي أو عامل جديد: تنظيف البيت الداخلي قبل أي جولات ميدانية

حين يُعين والي أو عامل جديد على رأس ولاية أو عمالة، تتوجه الأنظار عادة إلى خرجاته الميدانية الأولى، وزياراته التفقدية للمشاريع، وصوره بين المواطنين. لكن الحقيقة التي يجب أن تُقال بوضوح، هي أن هذه الجولات لن تُثمر شيئاً إن لم يبدأ المسؤول الترابي أولاً من داخل بيته… من داخل أسوار الولاية أو العمالة نفسها.

فالواقع يُظهر أن كثيراً من مظاهر الفساد الإداري والاختلالات المالية لا تأتي من الخارج، بل تنبع من داخل الأجهزة نفسها، من بعض رؤساء الأقسام، ومدراء الدواوين، ورجال السلطة الذين راكموا الثروات والعقارات باسم “النفوذ” و”الولاء”، بينما يعيش المواطن أبسط أشكال التهميش.

إن أول مهمة لأي والي أو عامل ليست في الوقوف على الورشات أو الاطلاع على التقارير، بل في تفكيك شبكات المصالح التي تنخر الإدارة الترابية، وطرح السؤال الذي يخاف منه الكثيرون: من أين لك هذا؟

إن تنظيف البيت الداخلي هو الخطوة الأولى لبناء الثقة، لأن العامل أو الوالي لن يستطيع محاربة الفساد في الخارج إذا كان الفساد جالساً إلى جانبه في الاجتماعات، يحرّف المعلومة، ويُجمّل الحقائق، ويُوجّه القرارات نحو مصالح ضيقة.

البلاد اليوم في حاجة إلى مسؤولين ترابيين يقطعون مع منطق الولاءات والمصالح، ويؤمنون بأن الإصلاح يبدأ من الداخل لا من الواجهة. فقبل أن يخرج الوالي أو العامل إلى الميدان، عليه أن يُنظف مكتبه ومحيطه، لأن الإصلاح الحقيقي لا يُلتقط بعدسة الكاميرا، بل يُبنى في الكواليس بشجاعة القرار ونزاهة الضمير.

شاهد أيضا
تعليقات الزوار
Loading...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق المزيد